صفحة 1 من 1

وصايا الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه

مرسل: 24/11/12 21:47
بواسطة admin
وصايا الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه

وصية عمر بن الخطاب رضي الله عنه لولي الأمر من بعده...
عن عمر رضي الله عنه أنه قال:
«أُوصي الخليفة بعدي بالمهاجرين الأوَّلين أن يعلم لهم حقَّهم، ويحفظ لهم حرمتهم. وأوصيه بالأنصار الذين تبوؤا الدار والإِيمان من قبلهم؛ أن يقبل من محسنهم، وأن يعفو عن مسيئهم. وأوصيه بأهل الأمصار خيراً، فإنَّهم رِدْء الإِسلام، وجُباة الأموال، وغَيْظ العدو، وأن يأخذ منهم إلا فضلهم عن رضاهم، وأوصيه بالأعراب خيراً فإنهم أصل العرب ومادة الإِسلام؛ أن يأخذ من حواشي أموالهم فيرد على فقرائهم. وأوصيه بذمّة الله وذمّة رسوله أن يوفي لهم بعهدهم، وأن يقاتل من ورائهم، ولا يكلَّفهم إلا طاقتهم».

و قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
«ليَعْلم من وُلِّيَ هذا الأمر من بعدي أنْ سَيريدُه عنه القريبُ والبعيدُ، إني لأقاتل الناس عن نفسي قتالاً، ولو علمتُ أنَّ أحداً من الناس أقوى عليه مني لكنت أُقدَّمُ فتُضربُ عنقي أَحبُّ إليَّ من أن أَليَه».
كذا في الكنز .

وصية عمر بن الخطاب لأبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنهما
أخرج ابن جرير عن صالح بن كَيسان قال: كان أولُ كتاب كتبه عمر حين وُلِّي إلى أبي عبيدة يولِّيه على جند خالد رضي الله عنهم:

«أوصيك بتقوى الله الذي يبقى ويفنى ما سواه، الذي هدانا من الضلالة، وأخرجنا من الظلمات إلى النور. وقد استعملتك على جُنْد ابن الوليد، فقم بأمرهم الذي يحق عليك، لا تقدِّم المسلمين إلى هَلَكَة رجاءَ غنيمة، ولا تُنزلهم منزلاً قبل أن تستريده لهم، وتعلم كيف مأتاه، ولا تبعث سرية إلا في كثف من الناس، وإياك وإلقاء المسلمين في الهلكة، وقد أبلاك الله بي وأبلاني بك، فغمِّض بصرك عن الدنيا وإلْهِ قلبك عنها، وإياك أن تهلِكَك كما أهلكتْ من كان قبلك، فقد رأيت مصارعَهم».

وصية عمر بن الخطاب لسعد بن أبي وقاص رضي الله عنهما
أخرج ابن جرير من طريق سيف عن محمد، وطلحة بإسنادهما أن عمر أرسل إلى سعد ــــ رضي الله عنهما ــــ فقد عليه، فأمَّره على حرب العراق وأوصاه فقال:
«يا سعدُ سعد بني وُهَيْب، لا يغرنَّك من الله أن قيل خال رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحب رسول الله، فإن الله عزّ وجلّ لا يمحو السيء بالسيء، ولكنه يمحو السيء بالحسن، فإنَّ الله ليس بينه وبين أحد نسب إلا طاعته، فالناس شريفُهم ووضيعهم في ذات الله سواءٌ، الله ربُّهم وهم عباده يتفاضلون بالعافية ويدركون ما عنده بالطاعة، فانظر الأمر الذي رأيتَ النبي صلى الله عليه وسلم منذ بعث إلى أن فارقنا، فالزمه فإنَّه الأمر. هذه عظتي إياك إن تركتَها ورغبتَ عنها حَبِط عملك وكنت من الخاسرين».
ولما أراد أن يسرِّحه دعاه فقال:

«إن قد وليتك حرب العراق فاحفظ وصيتي، فإنك تَقْدَم على أمر شديد كريه لا يخلِّص منه إلا الحقُّ، فعوِّد نفسك ومن معك الخير، واستفتح به، وعلم أنَّ لكل عادة عتاداً، فعتاد الخير الصبر، فالصبرَ الصبرَ على ما أصابك أو نابك، يجتمع لك خشية الله، واعلم أنَّ خشية الله تجتمع في أمرين: في طاعته واجتناب معصيته، وإنما أطاعه من أطاعه ببغض الدنيا وحب الآخرة، وعصاه من عصاه بحب الدنيا وبغض الآخرة، وللقلوب حقائق ينشئها الله إنشاءً، منها السر، ومنها العلانية. فأما العلانية فأن يكون حامدُه وذامُّه في الحق سواء، وأما السر فيُعرف بظهور الحكمة من قلبه على لسانه وبمحبة الناس، فلا تزهد في التحبُّب فإنّ النبيين قد سألوا محبّتهم، وإِنَّ الله إذا أحب عبداً حبَّبه، وإذا أبغض عبداً بغَّضه؛ فاعتبر منزلتك عند الله تعالى بمنزلتك عند الناس ممَّن يشرع معك في أمرك».

وصية عمر بن الخطاب لعتبة بن غزوان رضي الله عنهما
أخرج ابن جرير عن عبد الملك بن عمير قال: إنَّ عمر قال لعتبة بن غزوان رضي الله عنهما إذ وجَّهه إلى البصرة:

«يا عتبة، إني قد استعملتك على أرض الهند وهي حَوْمة من حَوْمة العدو، وأرجو أن يكفيك الله ما حولها وأن يعينك عليها، وقد كتبت إلى العلاء بن الحضرمي أن يمدك بعرْفَجَةَ بن هَرْثَمة وهو ذو مجاهدة العدو ومكايدته؛ فإذا قدم عليك فاستشره وقرِّبه، وادعُ إِلى الله، فمن أجابك فاقبل منه، ومن أبَى فالجزية عن صَغار وذلَّة، وإلا فالسيف في غير هوادة. واتق الله فيما وُلِّيت، وإياك أن تنازعك نفسك إلى كِبْر يفسد عليك آخرتك، وقد صحبتَ رسول الله صلى الله عليه وسلم فعززتَ به بعد الذلَّة، وقويتَ به بعد الضعف حتى صرت أميراً مُسَلَّطاً، وَمَلِكاً مُطاعاً، تقول فيُسمع منك، فيُطاع أمرُك، فيا لها نعمةٌ إن لم ترفعك فوق قدرك وتُبطرك على من دونك، إحتفظ من النعمة إحتفاظك من المعصية، ولهي أخوفهما عندي عليك أن تستدرجك وتخدعك فتسقط سقطة تصير بها إلى جهنم، أعيذك بالله ونفسي من ذلك. إِنَّ الناس أسرعوا إلى الله حين رُفعت لم الدنيا فأرادوها، فأرِد الله ولا تُرِد الدنيا، واتَّق مصارع الظالمين».
ورواه علي بن محمد المدائني أيضاً مثله كما في البداية .

وصية عمر بن الخطاب للعلاء بن الحضرمي رضي الله عنهما
أخرج بن سعد عن الشَّعْبي قال: كتب عمر بن الخطاب إلى العلاء بن الحضرمي رضي الله عنهما وهو بالبحرين أن:

«سِرْ إلى عتبة بن غزوان فقد وليتك عمله، واعلم أنك تقدم على رجل من المهاجرين الأوَّلين الذين قد سبقت لهم ن الله الحسنى؛ لم أعزله ألا يكون عفيفاً صليباً، شديد البأس؛ ولكنني ظننت أنك أغنى عن المسلمين في تلك الناحية منه، فاعرف له حقَّه؛ وقد ولَّيت قبلك رجلاً فمات قبل أن يصل، فإني رد الله تعالى أن تلي وُلِّيت، وإن يرد أن يلي عتبة، فالخلق والأمر لله رب العالمين. واعلم أن أمر الله محفوظ بحفظه الذي أنزله، فانظر الذي خلقت له، فاكدَحْ له ودَعْ ما سواه فإنَّ الدنيا أمد، والآخرة أبد، فلا يشغلنَّك شيء مدبر خيره عن شيء باقٍ شره، واهرب إلى الله من سخطه، فإنَّ الله يجمع لمن يشاء الفضيلة في حكمه وعلمه. نسأل الله لنا ولك العون على طاعته والنجاة من عذابه».

وصية عمر بن الخطاب لأبي موسى الأشعري رضي الله عنهما
أخرج الدينوري عن ضبَّة بن مِحْصَن قال: كتب عمر بن الخطاب إلى أبي موسى الأشعري رضي الله عنهما:
«أما بعد: فإنَّ للناس نفرة من سلطانهم فأعوذ بالله أن تدركني وإياك، فأقم الحدود ولو ساعة من النهار، وإذا حضر أمران أحدهما لله والآخر للدنيا فآثر نصيبك من الله، فإنَّ الدنيا تنفد والآخرة تبقى، وأخفِ الفُسَّاق، واجعلهم يداً يداً ورجلا رجلاً، عُدْ مريض المسلمين، واحضر جنائزهم، وافتح بابك، وباشر أمورهم بنفسك، فإنما أنت رجل منهم غير أنَّ الله جعلك أثقلهم حملاً. وقد بلغني أنه نشأ لك ولأهل بيتك هيئة في لباسك، ومطعمك، ومركبك ليس للمسلمين مثلها. فإياك يا عبد الله أن تكون بمنزلة البهيمة مرَّت بوادٍ خِصْب فلم يكن لها هم إِلا التسَمُّن، وإنما حَتْفها في السِمَن. واعلم أن العامل إذا زاغ زاغت رعيته، وأشقَى الناس من شَقِيت به رعيته».
كذا في الكنز . وأخرجه ابن أبي شيبة، وأبو نعيم في الحِلْية عن سعيد بن أبي بردة مختصراً كما في الكنز .

وأخرج ابن أبي شيبة عن الضحَّاك قال كتب عمر بن الخطاب إلى أبي موسى الأشعري رضي الله عنهما:
«أما بعد: فإنَّ القوة في العمل أن لا تؤخروا عمل اليوم لغد، فإنكم إذا فعلتم ذلك تداركت عليكم الأعمال فلا تدرون أيُّها تأخذون فأضعتم؛ فإن خُيِّرتم بين أمرين أحدهما للدنيا والآخر للآخرة، فاختاروا أمر الآخرة على أمر الدنيا، فإنَّ الدنيا تفنى والآخرة تبقى. كونوا من الله على وَجَل، وتعلَّموا كتاب الله فإنه ينابيع العلوم، وربيع القلوب».