صفحة 1 من 1

قصة التاجر والعفريت كاملة من أجمل قصص ألف ليلة وليلة

مرسل: 24/11/22 15:53
بواسطة شيرين مدحت
قصة التاجر والعفريت.jpg
كانت شهرزاد تحكي لشهريار قصص من كتاب الف ليلة وليلة كل يوم حتى قصت عليه ألف حكاية، وكانت قصة التاجر والعفريت هي أول القصص التي ترويها شهرزاد، فقالت:
كان يا ما كان في سالف العصر والأوان، رجل أمين يعمل بالتجارة. وكان هذا التاجر مخلص في تجارته ويصفه الناس بالأمين، لأنه كان يذكر عيوب الأشياء التي يبيعها قبل أن يشتريها الناس منه.
وفي يومٍ من الأيام، ذهب التاجر كعادته لقضاء بعض المعاملات المالية في أحد البلاد المجاورة لبلدته. وهو في طريقه مر على أحد الحدائق الجميلة المزدهرة الثمار والأشجار العالية، أعجب التاجر كثيراً بهذا المنظر البديع من حوله. جلس التاجر الأمين تحت ظل نخلة عالية، وأخذ من ثمارها واكل ورمى النوى بعيداً.
وفجأة ظهر أمام هذا التاجر عفريت عملاق، وسل سيفه من جانبه، وأقبل على التاجر الأمين، وقال العفريت للتاجر: “قم أيها التاجر لأقتلك، وأقتص لابني منك”. قام التاجر وهو خائفاً وسأل العفريت عن مقصد كلامه هذا.
قال له العفريت لقد أكلت الثمرة، ورميت نواها بعيداً فجاءت في صدر ابني، فسقط جريحاً حتى مات.
طلب التاجر من العفريت أن يمهله لمدة سنة من وقتهم هذا، فهو يعمل بالتجارة وعليه ديون وله زوجة وأولاد ليس لهم أحد بعده.
وقال التاجر للعفريت “أعدك أن آتي إليك في نفس هذا المكان بعد أن أعطي كل ذي حقٍ حقه، وأسلم إليك نفسي، فتفعل في ما شئت”. وافق العفريت على طلب التاجر الأمين، بعدما أخذ عليه ميثاقاً بالعودة مرة ثانية بعد انقضاء مدة العام.
رجع التاجر إلى بلدته حزيناً، وقام بقضاء كل معاملاته التجارية، وأخبر أهله وأهل قريته بما حدث له مع العفريت. وخرج بعد انقضاء المهلة التي اتفق عليها مع العفريت. وظل أهل القرية يبكون وهو في طريقه إلى ملاقاة العفريت. وصل التاجر إلى مكان ملاقاة العفريت، وجلس تحت الشجرة، وأخذ يبكي على حاله.
فمر عليه أحد الشيوخ الكبار في السن، ومعه غزالة. وسأل التاجر “لماذا تجلس في هذا المكان وهو مكان بيت العفريت”، حكى التاجر الأمين قصته مع العفريت إلى الشيخ العجوز، فتعجب الشيخ العجوز وقال والله لن أبرح هذا المكان حتى اعلم ماذا سوف يفعل بك العفريت.
وجلس الشيخ العجوز مع التاجر.
ومر عليهم شيخ آخر ومعه كلبتان لونهما أسود، فقال لهم “كيف تجلسون هكذا في هذا المكان وهو ملك لملك العفاريت”، قص عليه التاجر قصته مع العفريت، فأقسم الشيخ هو الآخر على أن لا يبرح هذا المكان إلا بعد أن يعلم بما سوف يفعله العفريت مع التاجر.
وبينما هم الثلاثة جالسون، إذا بشيخ ثالث يمر عليهم ومعه بغلة يجرها ورائه، فسألهم الشيخ الثالث: “ألا تعلمون أن هذا المكان هو ملك لملك الجان ولا يسمح لأحد بالجلوس فيه”. فحكى له التاجر قصته، وقرر الشييخ مثل البقية بأن لا يمضي في طريقه حتى يعلم ما الذي سوف يحل بالتاجر.
وبينما هم جالسون جاء العفريت وسل سيفه ونظر إلى التاجر وسط الشيوخ الثلاثة، وقال له “قم أيها الرجل أقتلك كما قتلت ابني الوحيد”.
أخذ الثلاثة رجال يبكون على حال التاجر الأمين.
فقال أحدهم للعفريت “هل تهب لي ثلث دم هذا التاجر إذا قصصت عليك قصة هذه الغزالة التي اصطحبها معي فوجدتها عجيبة مثيرة للدهشة”؟!
فافق العفريت على كلام الرجل الأول.
وبدأ الرجل في سرد قصة الغزالة فقال:
“يا ملك العفاريت، هذه الغزالة هي زوجتي وابنة عمي. لقد كنت متزوجاً من ابنة عمي، وعشنا معاً مدة العشر سنين، ولكنها لم تكن تنجب، فقررت الزواج بغيرها. وأنجبت من زوجتي الجديدة ابني الوحيد. فاستشاطت ابنة عمي وزاد حقدها على ولدي وزوجتي، وكانت قد تعلمت السحر من صغرها، فقامت بسخط ولدي وزوجتي إلى بقرة وعجل. وعندما رجعت من سفري، لم أجدهم فسألت ابنة عمي عنهم، فقالت لي أنهم قد هربوا. حزنت كثيراً. وفي يومٍ من الأيام طلبت من الجزار أن يذبح لي بقرة، فجاءني بواحدة وعندما رأتني أخذت تبكي أمامي وتنظر لي في حسرة، تعجبت كثيراً ولكني طلبت من الجزار أن يذبحها دون رأفة، فذبحها. وفي اليوم التالي طلبت من الجزار أن يذبح لي عجلاً، فأتاني بأحدهم، وعندما رآني العجل ظل يبكي هو الآخر، وأقبل عليّ وأخذ يبكي، فأخذتني به الرأفة، فأمرت الجزار بأن لا يذبحه. وأخذه الجزار إلى بيته، وهناك علمت ابنة الجزار التي تعلمت السحر عن ظهر قلب، أن هذا العجل هو ابني. فأخبرت والدها، وجاء الجزار في اليوم التالي إلي وأخبرني بما كان من ابنته، فطلبت منها أن ترد ابني غلى صورته، فأقبل في صورته مرة أخرى، وأخبرني ابني أن البقرة التي ذبحتها هي زوجتي ووالدته، وأن ابنة عمي هي من فعلت هذا بهم. وهنا طلبت من ابنة الجزار أن تقوم بسحر زوجتي غزالة انتقاماً منها على فعلتها، وأيضاً حتى تأمن من غدرها ابنة الجزار التي طلبت أن تتزوج من ولدي مقابلاً لها على صنيعها المعروف معي. وبذلك أصبحت زوجتي وابنة عمي في صورة غزالة”.
عندما سمع العفريت هذا الحديث تعجب كثيراً، وقال للشيخ الأول هذه قصة عجيبة وأثارت دهشتي، ولقد وهبتك ثلث دم هذا التاجر.
وهنا أردف الرجل الثاني بالحديث وقال للعفريت، “هل أقص عليك قصة هاتين الكلبتين على أن تهبني ثلث دم هذا التاجر لو أنك وجدت حكايتي عجيبة” وافق العفريت على طلب الرجل الثاني وبدأ الرجل في قص حكايته.
قال الشيخ الثاني للعفريت “يا ملك الجان والعفاريت، هاتين الكلبتان هم في الحقيقة شقيقيّ. لقد كنت أعمل بالتجارة انا وأخواتي الاثنان، بعد وفاة والدنا. وقد سافر الاثنان وتركوني في البلدة، ففتحت دكاناً وعملت فيه وكان رزقي كله حلال وكبرت تجارتي. وفي يومٍ من الأيام رجع أخواي من السفر وليس معهم من المال شيئاً، فقد خسروا كل ما كانوا يمتلكونه في تجارتهم. فرحبت بهم وقمت باقتسام ربحي من الدكان معهم، وأصبحنا نعمل معاً نحن الثلاثة. وفي يومٍ من الأيام أشار عليّ الشقيقان بالسفر، فرفضت ذلك، فهم خسروا الكثير من جراء سفرهم هذا. ولكنهم ألحوا علي، فوافقت تحت ضغطٍ منهم، وهناك قابلت امرأة في غاية الجمال، فوهبتني نفسها وتزوجتها. وعند رجوعي من السفر أنا وإخوتي، قمنا باقتسام المال وعمل كلٍ منا بتجارته. وكنت أنا أكثر منهم مالاً، فحقدوا عليّ لكثرة مالي، وبدأ الكره يملأ قلبهم من ناحيتي. وفي يومٍ من الأيام، أقبل عليّ إخوتي وأنا نائم في فراشي مع زوجتي، وقاموا بإلقائي أنا وهي في البحر. ولم أشعر بحالي إلا ورأيت جنية تساعدني على النهوض تحت ظل إحدى الأشجار. وأخبرتني على الفور أنها زوجتي، وأنها جنية في حقيقة الأمر وقد أحبتني ولذلك ظهرت لي في صورة إنسانة حتى أتزوجها. وقصت عليّ زوجتي ما كان من إخوتي وبأنها هي التي ساعدتني وأنقذتني من الغرق. وعندما رجعت إلى بيتي رأيت هاتين الكلبتين هناك، وقد أقبلا علي وأخذا يبكيان امامي، فسألت زوجتي عنهما، فأخبرتني أنهم إخوتي، قد أرسلت إليهم أختها فسخطتهم كلبتان انتقاماً منهم على صنيعهم، ومضت عشر سنين على ذلك كما أمرت التعويذة، ولذلك أنا ذاهب إلى الجنية أخت زوجتي لكي تعيدهم إلى صورتهم الحقيقية”. تعجب العفريت من حكاية هذا الرجل، وسأل الكلبتان عن ذلك، فأشارتا عليه بأن كلامه صحيح، وهنا قبل العفريت أن يهب لهذا الرجل ثلث دم التاجر.
وأردف الشيخ الثالث الحديث، وقال للعفريت ” يا عملاق العفاريت وأقواهم، هل أقص عليك قصتي العجيبة مع هذه البغلة، على أن تهبني باقي دم هذا التاجر” وافق العفريت على طلب الرجل الثالث، بشرط أن تكون قصته عجيبة. مثل الرجلين السابقين.
قال الرجل الثالث للعفريت “لقد كنت متزوجاً من إحدى النساء الجميلات وكنت أعاملها بكل إحسان، وفي يومٍ من الأيام سافرت إلى أحد البلاد، لأقضي بعض المعاملات التجارية. وقد رجعت من سفري بعدها بمدة قصيرة قبل اليوم الذي حددته لزوجتي. وعندما دخلت بيتي، وجدت زوجتي مع أحد الرجال على فراشي. وأقبل أن أقوم بقتلهما معاً، قامت زوجتي برش الماء عليّ بعد أن قرأت عليه بعض الكلام. وقالت ” أقبل في صورة كلب”، فسخطتني كلباً. وفي يومٍ من الأيام، كنت آكل بعض العظام عند أحد الجزارين. وعندها أخذني الجزار معه إلى بيته. وهناك رأتني ابنته، فغطت وجهها، وقالت لأبيها ” أتدخل عليّ البيت مع رجلٍ أجنبي”. تعجب والدها وسألها أين هو ذلك الرجل؟ أشارت ابنة الجزار إليّ وأنا على صورة كلب. وقامت برش الماء عليّ وقالت “عد إلى طبيعتك البشرية إن كنت كذلك”. فأقبلت إنساناً ثانيةً. وهنا طلبت ابنة الجزار أن تسخط زوجتي حتى تأمن شرها عندما تعلم بأمري. وبالفعل سحرت زوجتي، وأصبحت على حال البغلة هذه” نظر العفريت في دهشة إلى البغلة، وسألها إن كان هذا الكلام صحيحاً، فهزت البغلة رأسها بنعم. وهنا أطلق العفريت سراح التاجر. انتهت قصة التاجر والعفريت ” قصص من كتاب الف ليلة وليلة “.
أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح بعد مضي ثلاثة أيام على روايتها لقصة العفريت والتاجر. وقالت أختها ما أجمل حديثك المشوق يا أختي. أجابت شهرزاد، لو أن هذه القصة قد أثارت دهشتكِ، فما بالك بقصة الطحان والسر. قال شهريار ” أخبرينا إذاً بقصة الطحان والسر”. أجابت شهرزاد، لقد طلع الصباح يا مولاي وعليك أن تنام..
وهنا صاح الصباح وسكتت عن الكلام المباح