تجاهل المحتويات

علم الفلك وازدهاره بعصر الحضارة الإسلامية

موسوعة ثقافية شاملة كافة العلوم والمعرفة لكافة التخصصات العلمية والأدبية

علم الفلك وازدهاره بعصر الحضارة الإسلامية

مشاركة غير مقروءة بواسطة هاني حجازي »

علم الفلك وازدهاره بعصر الحضارة الإسلامية
علم  الفلك بالحضارة الإسلامية.jpg
علم الفلك بالحضارة الإسلامية.jpg (14.49 KiB) تمت المشاهدة 116 مرةً
يعتبر عبد الرحمن بن عمر بن محمد ابن سهل الصوفي الرازي (ت 376هـ/ 986م) ثالث ثلاثة من العلماء العظماء الذين كتبوا في الكواكب الثابتة. فمنزلته بين بطليموس وأرغلندر، ولم يكتف في كتابه «الكواكب الثابتة» من متابعة بطليموس في كتابه «المجسطي» لكنه قام برصد النجوم نجما نجما وبدقة شُهد له بها فيما بعد، فقد عين أقدار النجوم وأماكنها، ووضح بالرسوم الملونة للأبراج والأجسام السماوية - على شكل أناس وحيوانات - ما كان قد ذكره في كتابه، وسماها بأسماء عربية مازالت مستعملة حتى الآن، منها: الحوت، العقرب، الدب الأكبر، الدب الأصغر.

ولمحمد بن الحسن بن الهيثم (ت 432هـ/ 1041م) مؤلف «مقالة في علم الهيئة» الذي يعد النسخة الأصلية لنظرية بويرباخ النمساوي التي أخذ عنها تلميذه رجيومونتان ومن بعده كوبرنيكوس. ولقد أُطلق عليه بطليموس الثاني لما أبدعه في علم الهيئة من مقالات؛ وصل منها سبع عشرة مقالة، كتب فيها عن أحجام وأبعاد الأجرام السماوية وكيفية رؤيتها، وعن ارتفاع القطب والرصد النجومي...إلخ. وهو من اخترع أول كاميرا في التاريخ وسماها «الخزانة المظلمة ذات الثقب»، وقد استعملها علماء الفلك العرب في مراصدهم، مما ساعدهم على معرفة نسب النجوم والكواكب وأحجامها، وعلى اكتشاف نجوم جديدة نتيجة متابعتهم واهتمامهم بهذا العلم.

أما أبو الريحان محمد بن أحمد البيروني الخوارزمي (ت 440هـ/ 1048م)، فقد كان يجيد إضافة للغة العربية الفارسية واليونانية والسنسكريتية والسريانية، لذلك فقد اطلع على المراجع الفلكية من مصادرها وليس من ترجماتها. ومن أهم كتبه في علم الفلك الكتاب الذي ألفه للسلطان مسعود بن محمود بن سبكتكين في الهيئة والنجوم والجغرافيا، بعنوان «كتاب القانون المسعودي»، وتعود أهمية هذا الكتاب للجهد الذي بذله مؤلفه في ذكر ما توصل إليه علماء الفلك في الحضارات السابقة والمعاصرين له، إذ لم يكتف بما قرأه عنهم، بل كان يتحقق من ذلك، سواء بقيامه بإعادة الحسابات بنفسه، أو بالرصد من جديد ولأكثر من مرة. وكان أول من استحدث المنهج التجريبي في علم الفلك، فقاد أبحاثا تجريبية متعلقة بظواهر فلكية، واكتشف أن مجرة درب التبانة هي عبارة عن مجموعة نجوم سديمية، كما اكتشف أن التجاذب يحدث بين الأجرام والفلكات السماوية منتقدا بذلك أرسطو الذي يعتبر أن تلك الأجرام لا تملك خفة أو جاذبية.

ومحمد بن جابر بن سنان البتاني (ت 929هـ)، ألف جداول لمدارات الشمس والقمر، أكد فيها أن ما ذكره بطليموس عن منحى شذوذ الشمس متغير وليس ثابتا، كما عمل على حساب وقت أول ظهور للهلال بعد القمر الجديد، وقياس طول السنة الشمسية والسنة الفلكية، وتوقع زمن الخسوف.
اخترع علماء الفلك العرب آلات ومعدات لم تعرف من قبلهم، استعانوا فيها في مراصدهم، منها آلة الربع المجيب، الربع المقنطر، ذات الشعبتين، ذات السمت والارتفاع، الحلقة الاعتدالية، مزاول لقياس الوقت. وطوروا الأسطرلاب اليوناني بما يتفق مع اكتشافاتهم الفلكية، فصنعوا الأسطرلاب الكروي والأسطرلاب الزورقي.

أتقنوا صناعة الجداول الرياضية العددية (الأزياج) لأنها من أهم مستلزمات الرصد الفلكي، فبواسطتها تحدد مواقع الكواكب وأوضاعها من حيث الارتفاع والانخفاض والميول والحركات في أفلاكها.
رصد العالم الفلكي المصري علي بن رضوان في عام 1006م، أكثر المستعرات العظمى سطوعا في التاريخ، ووصف بدقة النجم المؤقت، فقال أنه أكبر بمرتين أو ثلاث من قرص الزهرة، أما سطوعه فيعادل ربع سطوع القمر.
وهكذا نرى أن للعرب فضلا في تطوير وتصحيح مفاهيم علم الفلك.

وقد ازدهر علم الفلك في عصر الحضارة الإسلامية وأجزاء أخرى من العالم. أدى ذلك إلى ظهور المراصد الفلكية الأولى في العالم الإسلامي في أوائل القرن التاسع. في عام 964، وصف عالم الفلك المسلم عبد الرحمن بن عمر الصوفي مجرة أندروميدا، أكبر مجرة في المجموعة المحلية، في كتابه صور الكواكب الثمانية والأربعين.

وقد لاحظ عالم الفلك المصري العربي علي بن رضوان وعلماء الفلك الصينيون المستعر الأعظم SN 1006، وهو ألمع حدث نجمي من حيث الحجم الظاهر في التاريخ المسجل، في عام 1006. بعض علماء الفلك المسلمين البارزين (معظمهم من الفارسيين والعرب) الذين قدموا مساهمات كبيرة في العلوم وتشمل البتاني، وثابت بن قرة، وعبد الرحمن الصوفي، والبيروني، وإبراهيم بن يحيى الزرقالي، والبيرجندي، وعلماء الفلك في مرصد المراغة وسمرقند. قدم علماء الفلك في ذلك الوقت العديد من الأسماء العربية المستخدمة الآن للنجوم.

وضمت أوروبا في العصور الوسطى عددًا من علماء الفلك المهمين. قدم ريتشارد من والينجفورد (1292-1336) مساهمات كبيرة في علم الفلك وعلم البنكامات، بما في ذلك اختراع أول ساعة فلكية، سمحت أداة المستطيل بقياس الزوايا بين الكواكب والأجسام الفلكية الأخرى، بالإضافة إلى خط استوائي يسمى «ألبيون» والذي يمكن استخدامه في الحسابات الفلكية مثل خطوط الطول القمرية والشمسية والكواكب ويمكن أن يتنبأ بالكسوف. ناقش نيكول أورسمه (1320–1382) وجان بوريدان (1300–1361) لأول مرة الدليل على دوران الأرض، علاوة على ذلك، طور بوردان أيضًا نظرية الزخم (سلف النظرية العلمية الحديثة للقصور الذاتي) التي كانت قادرة على إظهار الكواكب كانت قادرة على الحركة دون تدخل الملائكة (حسب الفكر الشائع وقتها). ساعد جورج فون بيورباخ (1423-1461) وريغيومونتانوس (1436–1476) في جعل التقدم الفلكي مفيدًا في تطوير كوبرنيكوس لنموذج مركزية الشمس بعد عقود.

ويعتقد أيضًا أن الأطلال في زيمبابوي العظمى وتمبكتو ربما احتوت على مراصد فلكية. في غرب أفريقيا ما بعد الكلاسيكية، درس علماء الفلك حركة النجوم وعلاقتها بالفصول، وصاغوا مخططات للسماء بالإضافة إلى مخططات دقيقة لمدارات الكواكب الأخرى بناءً على حسابات رياضية معقدة. وثق مؤرخ إمبراطورية سونغاي محمود كعت زخة شهب في أغسطس 1583. كان الأوروبيون يعتقدون سابقًا أنه لم تكن هناك مراقبة فلكية في أفريقيا جنوب الصحراء خلال العصور الوسطى ما قبل الاستعمار، لكن الاكتشافات الحديثة تظهر خلاف ذلك.

لأكثر من ستة قرون (من انتعاش التعلم القديم خلال أواخر العصور الوسطى إلى عصر التنوير)، قدمت الكنيسة الرومانية الكاثوليكية المزيد من الدعم المالي والاجتماعي لدراسة علم الفلك أكثر من جميع المؤسسات الأخرى على الأرجح. من بين دوافع الكنيسة تحديد موعد عيد الفصح.